قبل ما يقارب عشر سنوات وقع في يدي كتابٌ للدكتور الشيخ المُجاهد عبد الله عزام ،اسمه «آيات الرحمن في جهاد الأفغان»ذكر فيه كرامات عجيبة مباركة للمجاهدين الأفغان في قتالهم ضد الروس.
وها أنا أقف معكم وقفة إجلال مع آيات الرحمن في جهاد الإخوان على أرض غزة المباركة.
لقد وَفَّق الله أبطال غزة فأطلقوا على معركتهم مع عدوهم "معركة الفرقان".
وعندما نتأمَّل نجد أن أبرز شيء نتج من هذه المعركة المباركة هو الفرقان في كل شيء؛ قد تحقَّق الفرقان والتمييز بين الأفراد والشعوب و الدول والحكام والعلماء والكتاب والقنوات ،فلقد تميَّزت المواقف وانقشع الظلام، وارتفعت السحب وتراءت الحقائق للناظرين، وكل هذا سيكون له ما بعده، فلم تَعد الأوراق مختلطة كما كانت من قبل، وهذا الأمر خطوة في غاية الأهمية في سبيل تحقيق نصر الله لعباده المؤمنين.
ونرى أن الله سبحانه قد أنزل آياته على مجاهدي غزة في "معركة الفرقان"، فمن هذه الآيات:
1-الغمام والرياح: لقد نقل مراسلو القنوات الفضائية- وأخص مراسل قناة المجد في ثاني يوم للهجوم البري أنه في الصباح الباكر وعند استعداد الدبابات والجرَّافات الصهيونية وكل المعدات الثقيلة لاقتحام أحد محاور غزة، فإذا بهم يفاجئون بغمامةٍ كثيفةٍ تغطِّي الأرض وتحجب الرؤية تمامًا في ثوانٍ معدودة جعلت جميع الآليات تتراجع وتعود من حيث أتت؛ خوفًا من ضربات المجاهدين، وحكى المراسل أنه ولفيف من الصحفيين رأوا هذا بأعينهم، وأنهم وقفوا مشدوهين لذلك، ولكن لا عجب؛ فهذا لُطف الله وتأييده ،وكذلك ما ذُكر من تفريق الرياح للفسفور الأبيض من غزة باتجاه إسرائيل.
2- ثباتُ المجاهدين:
|
صورة لدبابة إسرائيلية وهي تقصف غزة |
ثباتُ المجاهدين الرَّاجِلِين أمام حمم الموت المحيطة بهم من البر والبحر والجو؛ هذا الثبات البطولي في "بيت لاهيا" و"جباليا" و"حي الزيتون" و"تل الإسلام" و"حي الشجاعية" و.. و..إني أرى أن قول الله عن أهل بدر ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ [الأنفال: من الآية 12] قد تحقَّق مع مجاهدي غزة؛ فهذا يدخل في دبابةميركافا ليدمرها، وذاك يأسر 3 من جنود العدو لولا تدخل العدو بطائراته وقصف البيت الذي كان فيه الآسرون والمأسورون.
نعم.. تم الأسر بين رشاش المدافع وهدير الدبابات و.. و..
وثالث ورابع وخامس يقنصون جنودًا، وبكل ثقة وهدوء وثبات يُصوِّرون العملية وكأنهم يجلسون متكئين على أريكة أمام مدفأة فيرون مشهدًا يعجبهم على شاشة التلفاز فيلتقطون له صورة.. الله أكبر! من هؤلاء؟! إنهم أحفاد رجال بدر.
3- حفْظ اللهِ للمجاهدين:
حفْظ اللهِ للمجاهدين وسَتْر أماكن وجودهم وتحركاتهم وعدم معرفة أماكن تخزين أسلحتهم بالرغم من كل هذا القصف، وبالرغم من طائرات الاستطلاع، وبالرغم من وجود 25 ألف منافق عميل يعملون لصالح العدو؛ حيث لم يُعتقل مجاهد واحد، ولم يُدمَّر مخزن واحد للسلاح، ولم تُكتَشف منصة واحدة من منصات إطلاق الصواريخ.. أليس هذا آية من آيات الله؟! ألا ينطبق على هذا قول الله سبحانه: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ [ يس: 9].
|
صور لمجاهدين من القسام وهم يصلون في شقة في أثناء الحرب مع العدو اليهودي |
4-السكينة:
إلقاء السكينة في قلوب الكثيرين من أهل غزة عمومًا؛ فأنت ترى الواحد منهم أمام الفضائيات رابط الجأش، لا ينطق إلا بخير، وقد استُشهد الواحد والاثنان بل والعشرات من أسرته أمام عينه فلا يقول إلا "الحمد لله" "أولادي استشهدوا"، ونرى هذه المرأة التي لم ترزق بالولد إلا بعد ما يزيد عن عشرين عامًا، فيستشهد صغيرها فتسعد كثيرًا وتضحك وتقول «الحمد لله الذي جعلني أم الشهيد».
ثم ألم نُفكِّر كيف عاش أهل غزة 22 يومًا؟! كيف ناموا؟! كيف كان طعامهم؟! كيف كانت حياتهم أمام هذا القصف الوحشي الذي طال كل شيء: بيوتًا، فهل كان أهل غزة ومجاهدوها ينامون؟! نعم.. كانوا ينامون وينطقون بالشهادتين قبل موتهم.
أليست هذه سكينةً من الله؟! أوليست السكينة في هذا الموطن من جند الله؟! ألم يقل ربنا سبحانه عن خير جيل مُبيِّنًا مدده لهم وتوفيقه إياهم: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[ الفتح: 4]